فجمع بين ما وبين إن، وهما جحدان يجزئ أحدهما من الآخر. وأما الآخر:
فهو لو أن ذلك أفرد بما، لكان خبرا عن أنه حق لا كذب، وليس ذلك المعني به. وإنما أريد به: إنه لحق كما حق أن الآدمي ناطق. ألا ترى أن قولك: أحق منطقك، معناه: أحق هو أم كذب، وأن قولك أحق أنك تنطق معناه للاستثبات لا لغيره، فأدخلت أن ليفرق بها بين المعنيين، قال: فهذا أعجب الوجهين إلي.
واختلفت القراء في قراءة قوله: مثل ما أنكم فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة مثل ما نصبا بمعنى: إنه لحق حقا يقينا كأنهم وجهوها إلى مذهب المصدر. وقد يجوز أن يكون نصبها من أجل أن العرب تنصبها إذا رفعت بها الاسم، فتقول: مثل من عبد الله، وعبد الله مثلك، وأنت مثله، ومثله رفعا ونصبا. وقد يجوز أن يكون نصبها على مذهب المصدر، إنه لحق كنطقكم. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة، وبعض أهل البصرة رفعا مثل ما أنكم على وجه النعت للحق.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون * فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص)، يخبره أنه محل بمن تمادى في غيه، وأصر على كفره، فلم يتب منه من كفار قومه، ما أحل بمن قبلهم من الأمم الخالية، ومذكرا قومه من قريش بإخباره إياهم أخبارهم وقصصهم، وما فعل بهم، هل أتاك يا محمد حديث ضيف إبراهيم خليل الرحمن المكرمين.
يعني بقوله: المكرمين أن إبراهيم عليه السلام وسارة خدماهم بأنفسهما.
وقيل: إنما قيل المكرمين كما:
24920 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني