وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال: هما الركعتان بعد المغرب، لاجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك، ولولا ما ذكرت من إجماعها عليه، لرأيت أن القول في ذلك ما قاله ابن زيد، لان الله جل ثناؤه لم يخصص بذلك صلاة دون صلاة، بل عم أدبار الصلوات كلها، فقال: وأدبار السجود، ولم تقم بأنه معني به: دبر صلاة دون صلاة، حجة يجب التسليم لها من خبر ولا عقل.
واختلفت القراء في قراءة قوله: وأدبار السجود فقرأته عامة قراء الحجاز والكوفة، سوى عاصم والكسائي وإدبار السجود بكسر الألف، على أنه مصدر أدبر يدبر إدبارا. وقرأه عاصم والكسائي وأبو عمرو وأدبار بفتح الألف على مذهب جمع دبر وأدبار.
والصواب عندي الفتح على جمع دبر. القول في تأويل قوله تعالى:
* (واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب * يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): واستمع يا محمد صيحة يوم القيامة، يوم ينادي بها منادينا من موضع قريب. وذكر أنه ينادي بها من صخرة بيت المقدس. ذكر من قال ذلك:
24790 - حدثني علي بن سهل، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشر، عن قتادة، عن كعب، قال: واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب قال ملك قائم على صخرة بيت المقدس ينادي: أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
24791 - حدثنا بشر قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب قال: كنا نحدث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة، وهي أوسط الأرض.
24792 - وحدثنا أن كعبا قال: هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة يوم ينادي المنادي من مكان قريب قال: بلغني أنه ينادي من الصخرة التي في بيت المقدس.