وقوله: ولكل درجات مما عملوا يقول تعالى ذكره: ولكل هؤلاء الفريقين: فريق الايمان بالله واليوم الآخر، والبر بالوالدين، وفريق الكفر بالله واليوم الآخر، وعقوق الوالدين اللذين وصف صفتهم ربنا عز وجل في هذه الآيات منازل ومراتب عند الله يوم القيامة، مما عملوا، يعني من عملهم الذي عملوه في الدنيا من صالح وحسن وسيئ يجازيهم الله به. وقد:
24195 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ولكل درجات مما عملوا قال: درج أهل النار يذهب سفالا، ودرج أهل الجنة يذهب علوا وليوفيهم أعمالهم يقول جل ثناؤه: وليعطي جميعهم أجور أعمالهم التي عملوها في الدنيا، المحسن منهم بإحسانه ما وعد الله من الكرامة، والمسئ منهم بإساءته ما أعده من الجزاء وهم لا يظلمون يقول: وجميعهم لا يظلمون: لا يجازي المسئ منهم إلا عقوبة على ذنبه، لا على ما لم يعمل، ولا يحمل عليه ذنب غيره، ولا يبخس المحسن منهم ثواب إحسانه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون) *.
يقول تعالى ذكره: ويوم يعرض الذين كفروا بالله على النار يقال لهم:
أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا، واستمتعتم بها فيها. كما:
24196 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ويوم يعرض الذين كفروا على النار قرأ يزيد حتى بلغ وبما كنتم تفسقون تعلمون والله إن أقواما يسترطون حسناتهم. استبقى رجل طيباته إن استطاع، ولا قوة إلا بالله. ذكر أن عمر بن الخطاب كان يقول: لو شئت كنت أطيبكم طعاما، وألينكم لباسا، ولكني أستبقي طيباتي. وذكر لنا أنه لما قدم الشام، صنع له طعام لم ير قبله مثله، قال: هذا لنا، فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير؟ قال خالد بن الوليد: لهم الجنة، فاغرورقت عينا عمر، وقال: لئن كان حظنا في الحطام، وذهبوا قال أبو جعفر: فيما أرى أنا بالجنة، لقد باينونا بونا بعيدا.