وأصلحنا لهم حالهم بأنهم اتبعوا الحق الذي جاءهم من ربهم، وهو محمد (ص)، وما جاءهم به من عند ربه من النور والبرهان كذلك يضرب الله للناس أمثالهم يقول عز وجل: كما بينت لكم أيها الناس فعلي بفريق الكفر والايمان، كذلك نمثل للناس الأمثال، ونشبه لهم الأشباه، فنلحق بكل قوم من الأمثال أشكالا.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم) *.
يقول تعالى ذكره لفريق الايمان به وبرسوله: فإذا لقيتم الذين كفروا بالله ورسوله من أهل الحرب، فاضربوا رقابهم.
وقوله: حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق يقول: حتى إذا غلبتموهم وقهرتم من لم تضربوا رقبته منهم، فصاروا في أيديكم أسرى فشدوا الوثاق يقول: فشدوهم في الوثاق كيلا يقتلوكم، فيهربوا منكم.
وقوله: فإما منا بعد وإما فداء يقول: فإذا أسرتموهم بعد الاثخان، فإما أن تمنوا عليهم بعد ذلك بإطلاقكم إياهم من الأسر، وتحرروهم بغير عوض ولا فدية، وإما أن يفادوكم فداء بأن يعطوكم من أنفسهم عوضا حتى تطلقوهم، وتخلوا لهم السبيل.
واختلف أهل العلم في قوله: حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق، فإما منا بعد وإما فداء فقال بعضهم: هو منسوخ نسخه قوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقوله فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم. ذكر من قال ذلك:
24251 - حدثنا ابن حميد وابن عيسى الدامغاني، قالا: ثنا ابن المبارك، عن ابن جريج أنه كان يقول، في قوله: فإما منا بعد وإما فداء نسخها قوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.