أنزل من بعد كتاب موسى مصدقا لما بين يديه يقول: يصدق ما قبله من كتب الله التي أنزلها على رسله.
وقوله: يهدي إلى الحق يقول: يرشد إلى الصواب، ويدل على ما فيه لله رضا وإلى طريق مستقيم يقول: وإلى طريق لا اعوجاج فيه، وهو الاسلام. وكان قتادة يقول في ذلك ما:
24239 - حدثنا بشر، قال: ثنا سعيد عن قتادة أنه قرأ قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم فقال: ما أسرع ما عقل القوم، ذكر لنا أنهم صرفوا إليه من نينوى. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم * ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلاء النفر من الجن يا قومنا من الجن أجيبوا داعي الله قالوا: أجيبوا رسول الله محمدا إلى ما يدعوكم إليه من طاعة الله وآمنوا به يقول: وصدقوه فيما جاءكم به وقومه من أمر الله ونهيه، وغير ذلك مما دعاكم إلى التصديق به يغفر لكم يقول: يتغمد لكم ربكم من ذنوبكم فيسترها لكم ولا يفضحكم بها في الآخرة بعقوبته إياكم عليها ويجركم من عذاب أليم يقول: وينقذكم من عذاب موجع إذا أنتم تبتم من ذنوبكم، وأنبتم من كفركم إلى الايمان بالله وبداعيه.
وقوله: ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلاء النفر لقومهم: ومن لا يجب أيها القوم رسول الله (ص) محمدا، وداعيه إلى ما بعثه بالدعاء إليه من توحيده، والعمل بطاعته فليس بمعجز في الأرض يقول: فليس بمعجز ربه بهربه، إذا أراد عقوبته على تكذيبه داعيه، وتركه تصديقه وإن ذهب في الأرض هاربا، لأنه حيث كان فهو في سلطانه وقبضته وليس له من دونه أولياء يقول: وليس لمن لم يجب داعي الله من دون ربه نصراء ينصرونه من الله إذا عاقبه ربه على كفره به وتكذيبه داعيه.