منهم له وكان الله عزيزا حكيما يقول تعالى ذكره: ولم يزل الله ذا عزة، لا يغلبه غالب، ولا يمتنع عليه مما أراده به ممتنع، لعظم سلطانه وقدرته، حكيم في تدبيره خلقه.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): إنا أرسلناك يا محمد شاهدا على أمتك بما أجابوك فيما دعوتهم إليه، مما أرسلتك به إليهم من الرسالة، ومبشرا لهم بالجنة إن أجابوك إلى ما دعوتهم إليه من الدين القيم، ونذيرا لهم عذاب الله إن هم تولوا عما جئتهم به من عند ربك.
ثم اختلفت القراء في قراءة قوله: لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه فقرأ جميع ذلك عامة قراء الأمصار خلا أبي جعفر المدني وأبي عمرو بن العلاء، بالتاء لتؤمنوا، وتعزروه، وتوقروه، وتسبحوه بمعنى: لتؤمنوا بالله ورسوله أنتم أيها الناس. وقرأ ذلك أبو جعفر وأبو عمرو كله بالياء ليؤمنوا، ويعزروه، ويوقروه، ويسبحوه بمعنى: إنا أرسلناك شاهدا إلى الخلق ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروه.
والصواب من القول في ذلك: إن يقال: إنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24354 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا يقول: شاهدا على أمته على أنه قد بلغهم ومبشرا بالجنة لمن أطاع الله، ونذيرا من النار.
وقوله: وتعزروه وتوقروه اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: تجلوه، وتعظموه. ذكر من قال ذلك:
24355 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ويعزروه يعني: الاجلال ويوقروه يعني: التعظيم.
24356 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال:
سمعت الضحاك يقول في قوله: ويعزروه ويوقروه كل هذا تعظيم وإجلال.