والصواب من القول في ذلك عندنا أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل، لان قوله: قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله في سياق توبيخ الله تعالى ذكره مشركي قريش، واحتجاجا عليهم لنبيه (ص)، وهذه الآية نظيرة سائر الآيات قبلها، ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود قبل ذلك ذكر، فتوجه هذه الآية إلى أنها فيهم نزلت، ولا دل على انصراف الكلام عن قصص الذين تقدم الخبر عنهم معنى، غير أن الاخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله (ص) بأن ذلك عنى به عبد الله بن سلام وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به، فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك، وشهد عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل على مثله، يعني على مثل القرآن، وهو التوراة، وذلك شهادته أن محمدا مكتوب في التوراة أنه نبي تجده اليهود مكتوبا عندهم في التوراة، كما هو مكتوب في القرآن أنه نبي.
وقوله: فآمن واستكبرتم يقول: فآمن عبد الله بن سلام، وصدق بمحمد (ص)، وبما جاء به من عند الله، واستكبرتم أنتم على الايمان بما آمن به عبد الله بن سلام معشر اليهود إن الله لا يهدي القوم الظالمين يقول: إن الله لا يوفق لإصابة الحق، وهدى الطريق المستقيم، القوم الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بإيجابهم لها سخط الله بكفرهم به.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم) *.
يقول تعالى ذكره: وقال الذين جحدوا نبوة محمد (ص) من يهود بني إسرائيل للذين آمنوا به، لو كان تصديقكم محمدا على ما جاءكم به خيرا، ما سبقتمونا إلى التصديق به، وهذا التأويل على مذهب من تأول قوله: وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله أنه معني به عبد الله بن سلام، فأما على تأويل من تأول أنه عني به مشركو قريش، فإنه ينبغي أن يوجه تأويل قوله: وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه أنه عني به مشركو قريش وكذلك كان يتأوله قتادة، وفي تأويله إياه كذلك ترك منه تأويله، قوله:
وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله أنه معني به عبد الله بن سلام. ذكر الرواية عنه بذلك: