واحدة، أو ما قامت الحجة بأن أحدهما ناسخ الآخر، وغير مستنكر أن يكون جعل الخيار في المن والفداء والقتل إلى الرسول (ص)، وإلى القائمين بعده بأمر الأمة، وإن لم يكن القتل مذكورا في هذه الآية، لأنه قد أذن بقتلهم في آية أخرى، وذلك قوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.... الآية، بل ذلك كذلك، لان رسول الله (ص) كذلك كان يفعل فيمن صار أسيرا في يده من أهل الحرب، فيقتل بعضا، ويفادي ببعض، ويمن على بعض، مثل يوم بدر قتل عقبة بن أبي معيط وقد أتي به أسيرا، وقتل بني قريظة، وقد نزلوا على حكم سعد، وصاروا في يده سلما، وهو على فدائهم، والمن عليهم قادر، وفادى بجماعة أسارى المشركين الذين أسروا ببدر، ومن على ثمامة بن أثال الحنفي، وهو أسير في يده، ولم يزل ذلك ثابتا من سيره في أهل الحرب من لدن أذن الله له بحربهم، إلى أن قبضه إليه (ص) دائما ذلك فيهم، وإنما ذكر جل ثناؤه في هذه الآية المن والفداء في الأسارى، فخص ذكرهما فيها، لان الامر بقتلهما والاذن منه بذلك قد كان تقدم في سائر آي تنزيله مكررا، فأعلم نبيه (ص) بما ذكر في هذه الآية من المن والفداء ماله فيهم مع القتل.
وقوله: حتى تضع الحرب أوزارها يقول تعالى ذكره: فإذا لقيتم الذين كفروا فاضربوا رقابهم، وافعلوا بأسراهم ما بينت لكم، حتى تضع الحرب آثامها وأثقال أهلها، المشركين بالله بأن يتوبوا إلى الله من شركهم، فيؤمنوا به وبرسوله، ويطيعوه في أمره ونهيه، فذلك وضع الحرب أوزارها، وقيل: حتى تضع الحرب أوزارها والمعنى: حتى تلقي الحرب أوزار أهلها. وقيل: معنى ذلك: حتى يضع المحارب أوزاره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24262 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
حتى تضع الحرب أوزارها قال: حتى يخرج عيسى ابن مريم، فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة، وتأمن الشاة من الذئب، ولا تقرض فأرة جرابا، وتذهب العداوة من الأشياء كلها، ذلك ظهور الاسلام على الدين كله، وينعم الرجل المسلم حتى تقطر رجله دما إذا وضعها.
24263 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: حتى تضع الحرب أوزارها حتى لا يكون شرك.