واختلفت القراء في قراءة قوله: فذانك فقرأته عامة قراء الأمصار، سوى ابن كثير وأبي عمرو: فذانك بتخفيف النون، لأنها نون الاثنين، وقرأه ابن كثير وأبو عمرو:
فذانك بتشديد النون.
واختلف أهل العربية في وجه تشديدها، فقال بعض نحويي البصرة: ثقل النون من ثقلها للتوكيد، كما أدخلوا اللام في ذلك. وقال بعض نحويي الكوفة: شددت فرقا بينها وبين النون التي تسقط للإضافة، لان هاتان وهذان لا تضاف. وقال آخر منهم: هو من لغة من قال: هذا قال ذلك، فزاد على الألف ألفا، كذا زاد على النون نونا ليفصل بينهما وبين الأسماء المتمكنة، وقال في ذانك إنما كانت ذلك فيمن قال: هذان يا هذا، فكر هوا تثنية الإضافة فأعقبوها باللام، لان الإضافة تعقب باللام. وكان أبو عمرو يقول: التشديد في النون في ذانك من لغة قريش إلى فرعون وملئه يقول: إلى فرعون وأشراف قومه، حجة عليهم، ودلالة على حقيقة نبوتك يا موسى إنهم كانوا قوما فاسقين يقول: إن فرعون وملأه كانوا قوما كافرين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون ئ وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون) *.
يقول تعالى ذكره: قال موسى: رب إني قتلت من قوم فرعون نفسا، فأخاف إن أتيتهم فلم أبن عن نفسي بحجة أن يقتلون، لان في لساني عقدة، ولا أبين معها ما أريد من الكلام. وأخي هارون هو أفصح مني لسانا، يقول: أحسن بيانا عما يريد أن يبينه فأرسله معي ردءا يقول: عونا. يصدقني: أي يبين لهم عني ما أخاطبهم به. كما:
20903 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق وأخي هارون هو أفصح مني لسانا، فأرسله معي ردءا يصدقني: أي يبين لهم عني ما أكلمهم به، فإنه يفهم ما لا يفهمون. وقيل: إنما سأل موسى ربه يؤيده بأخيه، لان الاثنين إذا اجتمعا على الخبر، كانت النفس إلى تصديقهما، أسكن منها إلى تصديق خبر الواحد. ذكر من قال ذلك:
20904 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله فأرسله معي ردءا يصدقني لان الاثنين أحرى أن يصدقا من واحد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: