* (وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين) *.
يقول تعالى ذكره: وإن تكذبوا أيها الناس رسولنا محمدا (ص) فيما دعاكم إليه من عبادة ربكم الذي خلقكم ورزقكم، والبراءة من الأوثان، فقد كذبت جماعات من قبلكم رسلها فيما دعتهم إليه الرسل من الحق، فحل بها من الله سخطه، ونزل بها منه عاجل عقوبته، فسبيلكم سبيلها فيما هو نازل بكم بتكذيبكم إياه وما على الرسول إلا البلاغ المبين يقول: وما على محمد إلا أن يبلغكم رسالته، ويؤدي إليكم ما أمره بأدائه إليكم ربه. ويعني بالبلاغ المبين: يبين لمن سمعه ما يراد به، ويفهم به ما يعني به.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير ئ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شئ قدير) *.
يقول تعالى ذكره: أو لم يروا كيف يستأنف الله خلق الأشياء طفلا صغيرا، ثم غلاما يافعا، ثم رجلا مجتمعا، ثم كهلا. يقال منه: أبدأ وأعاد، وبدأ وعاد، لغتان بمعنى واحد.
وقوله: ثم يعيده يقول: ثم هو يعيده من بعد فنائه وبلاه، كما بدأه أول مرة خلقا جديدا، لا يتعذر عليه ذلك إن ذلك على الله يسير سهل كما كان يسيرا عليه إبداؤه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21108 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده: بالبعث بعد الموت.
وقوله: قل سيروا في الأرض يقول تعالى ذكره لمحمد (ص): قل يا محمد للمنكرين للبعث بعد الممات، الجاحدين الثواب والعقاب: سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الله الأشياء وكيف أنشأها وأحدثها وكما أوجدها وأحدثها ابتداء، فلم يتعذر عليه إحداثها مبدئا، فكذلك لا يتعذر عليه إنشاؤها معيدا ثم الله ينشئ النشأة الآخرة يقول: