سمعكم، وتفكرون فيه فتتعظون، وتعلمون أن ربكم هو الذي يأتي بالليل ويذهب بالنهار إذا شاء، وإذا شاء أتى بالنهار وذهب بالليل، فينعم باختلافهما كذلك عليكم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لمشركي قومك أرأيتم أيها القوم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا دائما لا ليل معه أبدا إلى يوم القيامة من إله غير الله من معبود غير المعبود الذي له عبادة كل شئ يأتيكم بليل تسكنون فيه فتستقرون وتهدؤون فيه أفلا تبصرون يقول: أفلا ترون بأبصاركم اختلاف الليل والنهار عليكم، رحمة من الله لكم، وحجة منه عليكم، فتعلموا بذلك أن العبادة لا تصلح إلا لمن أنعم عليكم بذلك دون غيره، ولمن له القدرة التي خالف بها بين ذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) *.
يقول تعالى ذكره: ومن رحمته بكم أيها الناس جعل لكم الليل والنهار فخالف بينهما، فجعل هذا الليل ظلاما لتسكنوا فيه وتهدأوا وتستقروا لراحة أبدانكم فيه من تعب التصرف الذي تتصرفون نهارا لمعايشكم. وفي الهاء التي في قوله: لتسكنوا فيه وجهان: أحدهما: أن تكون من ذكر الليل خاصة، ويضمر للنهار مع الابتغاء هاء أخرى. والثاني: أن تكون من ذكر الليل والنهار، فيكون وجه توحيدها وهي لهما وجه توحيد العرب في قولهم: إقبالك وإدبارك يؤذيني، لان الاقبال والادبار فعل، والفعل يوحد كثيره وقليله. وجعل هذا النهار ضياء تبصرون فيه، فتتصرفون بأبصاركم فيه لمعايشكم، وابتغاء رزقه الذي قسمه بينكم بفضله الذي تفضل عليكم.
وقوله: ولعلكم تشكرون يقول تعالى ذكره: ولتشكروه على إنعامه عليكم بذلك، فعل ذلك بكم لتفردوه بالشكر، وتخلصوا له الحمد، لأنه لم يشركه في إنعامه عليكم بذلك شريك، فلذلك ينبغي أن لا يكون له شريك في الحمد عليه. القول في تأويل قوله تعالى: