فأدخل الباء في يطرحن، وإنما يقال طرحته، لان معنى الطرح: الرمي، فأدخل الباء للمعنى، إذ كان معنى ذلك يرمين بالفتى، وهذا القول الثاني هو أولاهما عندي بالصواب، وقد مضى البيان عن نظائره في غير موضع من الكتاب بما أغنى عن تكراره في هذا الموضع.
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: تستعجلون قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20609 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ردف لكم بعض الذي تستعجلون قال: من العذاب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون ئ وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون) *.
يقول تعالى ذكره: وإن ربك يا محمد لذو فضل على الناس بتركه معاجلتهم بالعقوبة على معصيتهم إياه، وكفرهم به، وذو إحسان إليهم في ذلك وفي غيره من نعمه عندهم ولكن أكثرهم لا يشكرونه على ذلك من إحسانه وفضله عليهم، فيخلصوا له العبادة، ولكنهم يشركون معه في العبادة ما يضرهم ولا ينفعهم ومن لا فضل له عندهم ولا إحسان. وقوله: وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون يقول: وإن ربك ليعلم ضمائر صدور خلقه، ومكنون أنفسهم، وخفي أسرارهم، وعلانية أمورهم الظاهرة، لا يخفى عليه شئ من ذلك، وهو محصيها عليهم حتى يجازي جميعهم بالاحسان إحسانا وبالإساءة جزاءها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20610 - حدثنا القاسم، قال: ثني الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم قال: السر. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ئ إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون) *.
يقول تعالى ذكره: وما من مكتوم سر وخفي أمر يغيب عن أبصار الناظرين في السماء والأرض إلا في كتاب وهو أم الكتاب الذي أثبت ربنا فيه كل ما هو كائن من لدن ابتدأ خلق خلقه إلى يوم القيامة. ويعني بقوله: مبين أنه يبين لمن نظر إليه، وقرأ ما فيه