كافيك إنك على الحق المبين لمن تأمله، وفكر ما فيه بعقل، وتدبره بفهم، أنه الحق، دون ما عليه اليهود والنصارى المختلفون من بني إسرائيل، ودون ما عليه أهل الأوثان المكذبوك فيما أتيتهم به من الحق، يقول: فلا يحزنك تكذيب من كذبك، وخلاف من خالفك، وامض لأمر ربك الذي بعثك به. وقوله: إنك لا تسمع الموتى يقول: إنك يا محمد لا تقدر أن تفهم الحق من طبع الله على قلبه فأماته، لان الله قد ختم عليه أن لا يفهمه ولا تسمع الصم الدعاء يقول: ولا تقدر أن تسمع ذلك من أصم الله عن سماعه سمعه إذا ولوا مدبرين يقول: إذا هم أدبروا معرضين عنه، لا يسمعون له لغلبة دين الكفر على قلوبهم، ولا يصغون للحق، ولا يتدبرونه، ولا ينصتون لقائله، ولكنهم يعرضون عنه، وينكرون القول به، والاستماع له. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ئ وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) *.
اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين:
وما أنت بهادي بالياء والألف وإضافته إلى العمي بمعنى: لست يا محمد بهادي من عمي عن الحق عن ضلالته. وقراءة عامة قراء الكوفة وما أنت تهدي العمى بالتاء ونصب العمي، بمعنى: ولست تهديهم عن ضلالتهم ولكن الله يهديهم إن شاء.
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا المعنى مشهورتان في قراء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام ما وصفت وما أنت يا محمد بهادي من أعماه الله عن الهدى والرشاد فجعل على بصره غشاوة أن يتبين سبيل الرشاد عن ضلالته التي هو فيها إلى طريق الرشاد وسبيل الرشاد. وقوله: إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا يقول: ما تقدر أن تفهم الحق وتوعيه أحدا إلا سمع من يصدق بآياتنا، يعني بأدلته وحججه وآي تنزيله فهم مسلمون فإن أولئك يسمعون منك ما تقول ويتدبرونه، ويفكرون فيه، ويعملون به، فهم الذين يسمعون. ذكر من قال مثل الذي قلنا في قوله تعالى: وقع: