فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إنما هو: فالتقطه آل فرعون ظنا منهم أنهم محسنون إلى أنفسهم، ليكون قرة عين لهم، فكانت عاقبة التقاطهم إياه منه هلاكهم على يديه.
وقوله: عدوا وحزنا يقول: يكون لهم عدوا في دينهم، وحزنا على ما ينالهم منه من المكروه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20693 - حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا عدوا لهم في دينهم، وحزنا لما يأتيهم.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: وحزنا بفتح الحاء والزاي. وقرأته عامة قراء الكوفة: وحزنا بضم الحاء وتسكين الزاي. والحزن بفتح الحاء والزاي مصدر من حزنت حزنا، والحزن بضم الحاء وتسكين الزاي الاسم: كالعدم والعدم ونحوه.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، وهما على اختلاف اللفظ فيهما بمنزلة العدم، والعدم، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين يقول تعالى ذكره: إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا بربهم آثمين، فلذلك كان لهم موسى عدوا وحزنا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون) *.
يقول تعالى ذكره: وقالت امرأة فرعون له هذا قرة عين لي ولك يا فرعون فقرة عين مرفوعة بمضمر هو هذا، أو هو. وقوله: لا تقتلوه مسألة من امرأة فرعون أن لا يقتله. وذكر أن المرأة لما قالت هذا القول لفرعون، قال فرعون: أما لك فنعم، وأما لي فلا، فكان كذلك. ذكر من قال ذلك:
20694 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس، قال: قالت امرأة فرعون: قرة عين لي ولك، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا قال فرعون: قرة عين لك، أما لي فلا. قال محمد بن قيس: قال رسول الله (ص): لو قال فرعون: قرة عين لي ولك، لكان لهما جميعا.