وقوله: قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء المشركين: ربي أعلم من جاء بالهدى الذي من سلكه نجا، ومن هو في جور عن قصد السبيل منا ومنكم. وقوله: مبين يعني أنه يبين للمفكر الفهم إذا تأمله وتدبره، أنه ضلال وجور عن الهدى. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين) *.
يقول تعالى ذكره: وما كنت ترجو يا محمد أن ينزل عليك هذا القرآن، فتعلم الانباء والاخبار عن الماضين قبلك، والحادثة بعدك، مما لم يكن بعد، مما لم تشهده ولا تشهده، ثم تتلو ذلك على قومك من قريش، إلا أن ربك رحمك، فأنزله عليك، فقوله:
إلا رحمة من ربك استثناء منقطع.
وقوله: فلا تكونن ظهيرا للكافرين يقول: فاحمد ربك على ما أنعم به عليك من رحمته إياك، بإنزاله عليك هذا الكتاب، ولا تكونن عونا لمن كفر بربك على كفره به.
وقيل: إن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وإن معنى اللام: إن الذي فرض عليك القرآن، فأنزله عليك، وما كنت ترجو أن ينزل عليك، فتكون نبيا قبل ذلك، لرادك إلى معاد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين) *.
يقول تعالى ذكره: ولا يصرفنك عن تبليغ آيات الله وحججه بعد أن أنزلها إليك ربك يا محمد هؤلاء المشركون بقولهم: لولا أوتي مثل ما أوتي موسى وادع إلى ربك وبلغ رسالته إلى من أرسلك إليه بها ولا تكونن من المشركين يقول: ولا تتركن الدعاء إلى ربك، وتبليغ المشركين رسالته، فتكون ممن فعل فعل المشركين بمعصيته ربه، وخلافه أمره. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) *.