وأخرى أن ذلك إذا أضيف فهو أبين أنه خبر عن أمانه من كل أهوال ذلك اليوم منه إذا لم يضف ذلك، وذلك أنه إذا لم يضف كان الأغلب عليه أنه جعل الأمان من فزع بعض أهواله.
وقوله: هل تجزون إلا ما كنتم تعملون يقول تعالى ذكره: يقال لهم: هل تجزون أيها المشركون إلا ما كنتم تعملون، إذ كبكم الله لوجوهكم في النار، وإلا جزاء ما كنتم تعملون في الدنيا بما يسخط ربكم وترك يقال لهم اكتفاء بدلالة الكلام عليه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شئ وأمرت أن أكون من المسلمين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): يا محمد قل إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة وهي مكة الذي حرمها على خلقه أن يسفكوا فيها دما حراما، أو يظلموا فيها أحدا، أو يصاد صيدها، أو يتخلى خلاها دون الأوثان التي تعبدونها أيها المشركون. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20666 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها يعني: مكة.
وقوله: وله كل شئ يقول: ولرب هذه البلدة الأشياء كلها ملكا، فإياه أمرت أن أعبد، لا من لا يملك شيئا. وإنما قال جل ثناؤه: رب هذه البلدة الذي حرمها فخصها بالذكر دون سائر البلدان، وهو رب البلاد كلها، لأنه أراد تعريف المشركين من قوم رسول الله (ص)، الذين هم أهل مكة، بذلك نعمته عليهم، وإحسانه إليهم، وأن الذي ينبغي لهم أن يعبدوه هو الذي حرم بلدهم، فمنع الناس منهم، وهم في سائر البلاد يأكل بعضهم بعضا، ويقتل بعضهم بعضا، لا من لم تجر له عليهم نعمة، ولا يقدر لهم على نفع ولا ضر.
وقوله: وأمرت أن أكون من المسلمين يقول: وأمرني ربي أن أسلم وجهي له حنيفا، فأكون من المسلمين الذين دانوا بدين خليله إبراهيم وجدكم أيها المشركون، لا من خالف دين جده المحق، ودان دين إبليس عدو الله. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين) *.