الذين أسلموا، ومروا به يتلونه، أعرضوا عنه، وكأنهم لم يسمعوا ذلك قبل أن يؤمنوا بالنبي (ص)، لأنهم كانوا مسلمين على دين عيسى، ألا ترى أنهم يقولون: إنا كنا من قبله مسلمين. وقال آخرون في ذلك بما:
20963 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن منصور، عن مجاهد وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم قال: نزلت في قوم كانوا مشركين فأسلموا، فكان قومهم يؤذونهم.
* - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جويرية، عن منصور، عن مجاهد، قوله وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم قال: كان ناس من أهل الكتاب أسلموا، فكان المشركون يؤذونهم، فكانوا يصفحون عنهم، يقولون: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين.
وقوله: أعرضوا عنه يقول: لم يصغوا إليه ولم يستمعوه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم وهذا يدل على أن اللغو الذي ذكره الله في هذا الموضع، إنما هو ما قاله مجاهد، من أنه سماع القوم ممن يؤذيهم بالقول ما يكرهون منه في أنفسهم، وأنهم أجابوهم بالجميل من القول لنا أعمالنا قد رضينا بها لأنفسنا، ولكم أعمالكم قد رضيتم بها لأنفسكم.
وقوله: سلام عليكم يقول: أمنة لكم منا أن نسابكم، أو تسمعوا منا ما لا تحبون لا نبتغي الجاهلين يقول: لا نريد محاورة أهل الجهل ومسابتهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): إنك يا محمد لا تهدي من أحببت هدايته، ولكن الله يهدي من يشاء أن يهديه من خلقه، بتوفيقه للايمان به وبرسوله. ولو قيل:
معناه: إنك لا تهدي من أحببته، لقرابته منك، ولكن الله يهدي من يشاء، كان مذهبا.
وهو أعلم بالمهتدين: يقول جل ثناؤه: والله أعلم من سبق له في علمه أنه يهتدي للرشاد، ذلك الذي يهديه الله فيسدده ويوفقه.
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله (ص) من أجل امتناع أبي طالب عمه من إجابته، إذ دعاه إلى الايمان بالله، إلى ما دعاه إليه من ذلك. ذكر الرواية بذلك: