يقول تعالى ذكره: قل إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة وأن أكون من المسلمين وأن أتلوا القرآن، فمن اهتدى يقول: فمن تبعني وآمن بي وبما جئت به، فسلك طريق الرشاد فإنما يهتدي لنفسه يقول: فإنما يسلك سبيل الصواب باتباعه إياي، وإيمانه بي، وبما جئت به لنفسه، لأنه بإيمانه بي، وبما جئت به يأمن نقمته في الدنيا وعذابه في الآخرة. وقوله: ومن ضل يقول: ومن جار عن قصد السبيل بتكذيبه بي وبما جئت به من عند الله فقل إنما أنا من المنذرين يقول تعالى ذكره: فقل يا محمد لمن ضل عن قصد السبيل، وكذبك، ولم يصدق بما جئت به من عندي، إنما أنا ممن ينذر قومه عذاب الله وسخطه على معصيتهم إياه، وقد أنذرتكم ذلك معشر كفار قريش، فإن قبلتم وانتهيتم عما يكرهه الله منكم من الشرك به، فحظوظ أنفسكم تصيبون، وإن رددتم وكذبتم فعلى أنفسكم جنيتم، وقد بلغتكم ما أمرت بإبلاغه إياكم، ونصحت لكم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء القائلين لك من مشركي قومك: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين: الحمد لله على نعمته علينا بتوفيقه إيانا للحق الذي أنتم عنه عمون، سيريكم ربكم آيات عذابه وسخطه، فتعرفون بها حقيقة نصحي كان لكم، ويتبين صدق ما دعوتكم إليه من الرشاد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20667 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
سيريكم آياته فتعرفونها قال: في أنفسكم، وفي السماء والأرض والرزق.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله سيريكم آياته فتعرفونها قال: في أنفسكم والسماء والأرض والرزق.
وقوله: وما ربك بغافل عما تعملون يقول تعالى ذكره: وما ربك يا محمد بغافل عما يعمل هؤلاء المشركون، ولكن لهم أجل هم بالغوه، فإذا بلغوه فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. يقول تعالى ذكره لنبيه (ص): فلا يحزنك تكذيبهم إياك، فإني من وراء إهلاكهم، وإني لهم بالمرصاد، فأيقن لنفسك بالنصر، ولعدوك بالذل والخزي.
آخر تفسير سورة النمل ولله الحمد والمنة، وبه الثقة والعصمة