ولا من في السماء معجزين قال: وهو من غامض العربية للضمير الذي لم يظهر في الثاني.
قال: ومثله قول حسان بن ثابت:
أمن يهجو رسول الله منكم * ويمدحه وينصره سواء؟
أراد: ومن ينصره ويمدحه، فأضمر من. قال: وقد يقع في وهم السامع أن النصر والمدح لمن هذه الظاهرة ومثله في الكلام: أكرم من أتاك وأتى أباك، وأكرم من أتاك ولم يأت زيدا. تريد: ومن لم يأت زيدا، فيكتفي باختلاف الأفعال من إعادة من، كأنه قال:
أمن يهجو، ومن يمدحه، ومن ينصره. ومنه قول الله عز وجل: ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار وهذا القول أصح عندي في المعنى من القول الآخر، ولو قال قائل:
معناه: ولا أنتم بمعجزين في الأرض، ولا أنتم لو كنتم في السماء بمعجزين كان مذهبا.
وقوله: وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير يقول: وما كان لكم أيها الناس من دون الله من ولي يلي أموركم، ولا نصير ينصركم من الله إن أراد بكم سوءا ولا يمنعكم منه إن أحل بكم عقوبته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم) *.
يقول تعالى ذكره: والذين كفروا حجج الله، وأنكروا أدلته، وجحدوا لقاءه والورود عليه، يوم تقوم الساعة أولئك يئسوا من رحمتي يقول تعالى ذكره: أولئك يئسوا من رحمتي في الآخرة لما عاينوا ما أعد لهم من العذاب، وأولئك لهم عذاب موجع.
فإن قال قائل: وكيف اعترض بهذه الآيات من قوله وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم... إلى قوله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون وترك ضمير قوله فما كان جواب قومه وهو من قصة إبراهيم. وقوله إن الذين تعبدون من دون الله... إلى قوله فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون.
قيل: فعل ذلك كذلك، لان الخبر عن أمر نوح وإبراهيم وقومهما، وسائر من ذكر الله من الرسل والأمم في هذه السورة وغيرها، إنما هو تذكير من الله تعالى ذكره به الذين