والأخرى منهما عن قراءة الكوفة، وهي بل أدرك بكسر اللام وتشديد الدال من أدارك، لأنهما القراءتان المعروفتان في قراء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب عندنا. فأما القراءة التي ذكرت عن ابن عباس، فإنها وإن كانت صحيحة المعنى والاعراب، فخلاف لما عليه مصاحف المسلمين، وذلك أن في بلى زيادة ياء في قراءته ليست في المصاحف، وهي مع ذلك قراءة لا نعلمها قرأ بها أحد من قراء الأمصار. وأما القراءة التي ذكرت عن ابن محيصن، فإن الذي قال فيها أبو عمرو قول صحيح، لان العرب تحقق ببل ما بعدها لا تنفيه. والاستفهام في هذا الموضع إنكار لا إثبات، وذلك أن الله قد أخبر عن المشركين أنهم من الساعة في شك، فقال: بل هم في شك منها بل هم منها عمون.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: بل أدرك علمهم في الآخرة فأيقنوها إذ عاينوها حين لم ينفعهم يقينهم بها، إذ كانوا بها في الدنيا مكذبين. ذكر من قال ذلك:
20601 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عطاء الخراساني، عن ابن عباس بل أدرك علمهم قال: بصرهم في الآخرة حين لم ينفعهم العلم والبصر.
وقال آخرون: بل معناه: بل غاب علمهم في الآخرة. ذكر من قال ذلك:
20602 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: بل أدرك علمهم في الآخرة يقول: غاب علمهم.
20603 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
بل أدرك علمهم في الآخرة قال: يقول: ضل علمهم في الآخرة فليس لهم فيها علم، هم منها عمون.
وقال آخرون: معنى ذلك: لم يبلغ لهم فيها علم. ذكر من قال ذلك:
20604 - حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: ثني أبي، عن جدي، قال: ثنا الحسين، عن قتادة في قوله: بل إدارك علمهم في الآخرة قال: كان يقرؤها: بل أدرك علمهم في الآخرة قال: لم يبلغ لهم فيها علم، ولا يصل إليها منهم رغبة.
وقال آخرون: معنى ذلك: بل أدرك: أم أدرك. ذكر من قال ذلك:
20605 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني