عندهم، وتعريفهم بقلة شكرهم إياه على ما أولاهم من ذلك، فقال: أمن خلق السماوات والأرض. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون) *.
يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريش: أعبادة ما تعبدون من أوثانكم التي لا تضر ولا تنفع خير، أم عبادة من خلق السماوات والأرض؟ وأنزل لكم من السماء ماء يعني مطرا، وقد يجوز أن يكون مريدا به العيون التي فجرها في الأرض، لان كل ذلك من خلقه فأنبتنا به يعني بالماء الذي أنزل من السماء حدائق وهي جمع حديقة، والحديقة:
البستان عليه حائط محوط، وإن لم يكن عليه حائط لم يكن حديقة. وقوله: ذات بهجة يقول: ذات منظر حسن. وقيل ذات بالتوحيد. وقد قيل حدائق، كما قال: ولله الأسماء الحسنى، وقد بينت ذلك فيما مضى. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20595 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: حدائق ذات بهجة قال: البهجة: الفقاح مما يأكل الناس والانعام.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: حدائق ذات بهجة قال: من كل شئ تأكله الناس والانعام.
وقوله: ما كان لكم أن تنبتوا شجرها يقول تعالى ذكره: أنبتنا بالماء الذي أنزلناه من السماء لكم هذه الحدائق إذا لم يكن لكم، لولا أنه أنزل عليكم الماء من السماء طاقة أن تنبتوا شجر هذه الحدائق، ولم تكونوا قادرين على ذهاب ذلك، لأنه لا يصلح ذلك إلا بالماء. وقوله: أإله مع الله يقول تعالى ذكره: أمعبود مع الله أيها الجهلة خلق ذلك،