وقوله: إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين يقول: إنا رادو ولدك إليك للرضاع لتكوني أنت ترضعيه، وباعثوه رسولا إلى من تخافينه عليه أن يقتله، وفعل الله ذلك بها وبه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20688 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق إنا رادوه إليك وباعثوه رسولا إلى هذه الطاغية، وجاعلو هلاكه ونجاة بني إسرائيل مما هم فيه من البلاء على يديه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) *.
يقول تعالى ذكره: فالتقطه آل فرعون فأصابوه وأخذوه وأصله من اللقطة، وهو ما وجد ضالا فأخذ. والعرب تقول لما وردت عليه فجأة من غير طلب له ولا إرادة: أصبته التقاطا، ولقيت فلانا التقاطا ومنه قول الراجز:
ومنهل وردته التقاطا * لم ألق إذ وردته فراطا يعني فجأة.
واختلف أهل التأويل في المعني بقوله: آل فرعون في هذا الموضع، فقال بعضهم: عنى بذلك: جواري امرأة فرعون. ذكر من قال ذلك:
20689 - حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: أقبل الموج بالتابوت يرفعه مرة ويخفضه أخرى، حتى أدخله بين أشجار عند بيت فرعون، فخرج جواري آسية امرأة فرعون يغسلن، فوجدن التابوت، فأدخلنه إلى آسية، وظنن أن فيه مالا فلما نظرت إليه آسية، وقعت عليها رحمته فأحبته فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه، فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها، قال: إني أخاف أن يكون هذا بني إسرائيل، وأن يكون هذا الذي على يديه هلاكنا، فذلك قول الله: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا.