أمن سمية دمع العين تذريف * لو كان ذا منك قبل اليوم معروف فرفع معروفا بحرف الصفة، وهو لا شك خبر لذا، وذكر أن المفضل أنشده ذلك:
* لو أن ذا منك قبل اليوم معروف * ومنه أيضا قول عمر بن أبي ربيعة:
قلت أجيبي عاشقا * بحبكم مكلف فيها ثلاث كالدمى * وكاعب ومسلف فمكلف من نعت عاشق، وقد رفعه بحرف الصفة، وهو الباء، في أشباه لما ذكرنا بكثير من الشواهد، فكذلك قوله: ويختار ما كان لهم الخيرة رفعت الخيرة بالصفة، وهي لهم، وإن كانت خبرا لما، لما جاءت بعد الصفة، ووقعت الصفة موقع الخبر، فصار كقول القائل: كان عمرو أبوه قائم، لا شك أن قائما لو كان مكان الأب، وكان الأب هو المتأخر بعده، كان منصوبا، فكذلك وجه رفع الخيرة، وهو خبر لما.
فإن قال قائل: فهل يجوز أن تكون ما في هذا الموضع جحدا، ويكون معنى الكلام: وربك يخلق ما يشاء أن يخلقه، ويختار ما يشاء أن يختاره، فيكون قوله ويختار نهاية الخبر عن الخلق والاختيار، ثم يكون الكلام بعد ذلك مبتدأ بمعنى:
لم تكن لهم الخيرة: أي لم يكن للخلق الخيرة، وإنما الخيرة لله وحده؟
قيل: هذا قول لا يخفى فساده على ذي حجا، من وجوه، لو لم يكن بخلافه لأهل التأويل قول، فكيف والتأويل عمن ذكرنا بخلافه فأما أحد وجوه فساده، فهو أن قوله:
ما كان لهم الخيرة لو كان كما ظنه من ظنه، من أن ما بمعنى الجحد، على نحو التأويل الذي ذكرت، كان إنما جحد تعالى ذكره، أن تكون لهم الخيرة فيما مضى قبل نزول هذه الآية، فأما فيما يستقبلونه فلهم الخيرة، لان قول القائل: ما كان لك هذا، لا شك إنما