سحر مبين فهم لا يستطيعون إنكار نفوذ القرآن السريع في القلوب، وجاذبيته التي لا تقاوم من جهة، وهم من جهة أخرى غير مستعدين لأن يخضعوا أمام عظمته وكونه حقا، ولذلك فإنهم يفسرون هذا النفوذ القوي بتفسير خاطئ منحرف ويقولون: إنه سحر مبين، وهذا القول - بحد ذاته - اعتراف ضمني واضح بتأثير القرآن الخارق في قلوب البشر.
بناء على هذا فإن " الحق " - في الآية المذكورة - إشارة إلى آيات القرآن، وإن كان البعض قد فسرها بالنبوة، أو الإسلام، أو معجزات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الأخرى، إلا أن التفسير الأول هو الأنسب بملاحظة بداية الآية.
غير أن هؤلاء لم يكتفوا بإطلاق هذه التهمة وإلصاقها به، بل إنهم تمادوا فخطوا خطوة أوسع، وأكثر صراحة: أم يقولون افتراه.
إن الله سبحانه يأمر نبيه هنا بأن يجيبهم بجواب قاطع، ويعطيهم البرهان الجلي بأنه قل لهم إذا كان كذلك فاللازم أن يفضحني ولا تستطيعون الدفاع عني مقابل عقابه: قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا (1) فكيف يمكن أن يظهر الله سبحانه هذه الآيات البينات والمعجزة الخالدة على يد كذاب؟ إن هذا بعيد عن حكمة الله ولطفه.
وهذا كما ورد في الآيات (44) - (47) من سورة الحاقة: ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين.
بناء على هذا، هل يمكن أن أقدم على مثل هذا العمل الخطير من أجلكم؟
وكيف تصدقون أن بالإمكان أن أكذب مثل هذه الكذبة ثم يبقيني الله حيا، بل ويمنحني معاجز أخر؟