وهو الأثر الذي يبقى من الشئ ويدل على وجوده.
وقد وردت مثل هذه المناظرة والمحاكمة مع الوثنيين في الآية (40) من سورة فاطر، حيث تقول: قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا.
ومما يلفت النظر أنه يقول في مورد الأرض: ماذا خلقوا من الأرض أما في مورد السماء فيقول: أم لهم شرك في السماوات أي إن الكلام في الموردين عن الاشتراك، لأن الشرك في العبادة يجب أن ينشأ من الشرك في الخالقية وتدبير النشأة.
وهنا يطرح سؤال، وهو: إذا كان المشركون يعتقدون - عادة - أن أمر الخلق مختص بالله سبحانه، فلماذا يطالبون بأحد هذه الأدلة الثالثة؟
ويمكن الإجابة بأن هذه المطالبة موجهة إلى فئة قليلة بين عبدة الأوثان، يحتمل أنهم كانوا يقولون باشتراك الأصنام في الخلق، أو أنها طرحت على سبيل الفرض، أي إنكم إذا ظننتم يوما أن الأصنام شريكة في خلق العالم، فاعلموا أن لا دليل لكم على ذلك، لا من النقل ولا من العقل.
بعد ذلك تبين الآية التالية عمق ضلالة هؤلاء المشركين وانحرافهم، فتقول:
ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة ولا يقف الأمر عند عدم إجابتهم وحسب، بل إنهم لا يسمعون كلامهم: وهم عن دعائهم غافلون.
ويرى بعض المفسرين أن مرجع الضمير في هذه الآية إلى الأصنام الجامدة الميتة، باعتبار أن أكثر آلهة مشركي العرب كانت الأصنام. واعتبره البعض إشارة إلى الملائكة والبشر الذين عبدوا من دون الله، لأن عبدة الملائكة والجن لم يكونوا قلة بين العرب، والتعبيرات المختلفة لهذه الآية، والمتناسبة مع ذوي العقول تؤيد