أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات.
إذا كنتم تقرون بأن الأصنام لا دخل لها في خلق الموجودات الأرضية مطلقا، ولا في خلق الشمس والقمر والنجوم وموجودات العالم العلوي، وتقولون بصراحة بأن الله هو خالقها جميعا (1)، فعلام تمدون أكفكم إلى الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، ولا تسمع ولا تعقل، تستمدون منها العون في حل معضلاتكم، ودفع البلاء عنكم، واستجلاب البركات إليكم؟
وإذا قلتم - على سبيل الفرض -: إنها شريكة في أمر الخلق والتكوين ف إئتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين.
وخلاصة القول، فإن الدليل إما أن يكون نقليا عن طريق الوحي السماوي، أو عقليا منطقيا، أو بشهادة العلماء وتقريرهم، أما أنتم فلستم مستندين إلى الوحي والكتاب السماوي في دعواكم حول الأصنام، وغير قادرين من طريق العقل على إثبات اشتراكها في خلق السماوات والأرض وبالتالي إثبات كونها آلهة، ولم يرد أثر من أقوال العلماء الماضين ما يؤيد رأيكم ويدعم اعتقادكم، ومن هنا يتبين أن دينكم ومعتقدكم لا يعدو كونه حفنة من الخرافات المستهجنة، والأوهام الكاذبة.
بناء على هذا، فإن جملة أروني ماذا خلقوا من الأرض... إشارة إلى دليل العقل، وجملة إئتوني بكتاب من قبل هذا إشارة إلى الوحي السماوي، والتعبير ب أثارة من علم إشارة إلى سنن الأنبياء الماضين وأوصيائهم، أو آثار العلماء السابقين (2). وقد ذكر علماء اللغة والمفسرون عدة معان لكلمة " أثارة " - على وزن حلاوة - فمنها: بقية الشئ، الرواية، العلامة. لكن الظاهر أنها تعود إلى معنى واحد،