إلا أن هذا الاحتمال غير صحيح بملاحظة جملة: فآمن واستكبرتم التي توحي بأن هذا الشاهد من بني إسرائيل قد آمن بنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) في الوقت الذي استكبر فيه المشركون ولم يؤمنوا، لأن ظاهر الجملة يوحي بأن هذا الشاهد كان موجودا في عصر نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) وآمن به، بينما اختار الآخرون طريق الاستكبار والكفر.
وقال آخرون: إنه كان رجلا من علماء أهل الكتاب، كان يحيا في مكة. ومع أن أنصار الدين اليهودي والمسيحي كانوا قلة في مكة، لكن لا يعني هذا أن أحدا منهم لم يكن فيها، ومع ذلك فلا يعرف من كان هذا العالم من بني إسرائيل؟ وما هو اسمه؟
وهذا التفسير باطل منهم أيضا لأنه لم يكن هناك عالم معروف من أهل الكتاب في مكة في عصر ظهور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم تذكر التواريخ اسما له (1).
طبعا، يمتاز هذا التفسير والذي قبله بأنهما ينسجمان مع كون كل سورة الأحقاف مكية.
والتفسير الثالث الذي ارتضاه أكثر المفسرين، هو أن هذا الشاهد كان " عبد الله بن سلام " عالم اليهود المعروف، الذي آمن في المدينة والتحق بصفوف المسلمين.
وقد ورد - في حديث - أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انطلق حتى دخل كنيسة اليهود يوم عيدهم، فكرهوا دخوله عليهم، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا معشر اليهود أروني اثني عشر رجلا منكم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، يحط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي عليه " فسكتوا فما أجابه منهم أحد، ثم رد عليهم فلم يجبه أحد ثلاثا، فقال: " أبيتم، فوالله لأنا الحاشر، وأنا العاقب، وأن المقض، آمنتم أو كذبتم " ثم انصرف حتى كاد يخرج، فإذا رجل من خلفه، فقال: كما أنت يا محمد فأقبل، فقال ذلك الرجل: أي رجل تعلموني فيكم يا