وتوحيده.
وهذه الآية إشارة إجمالية إلى أجوبة جميع هذه الأسئلة، وقطع لكل تلك الأعذار الواهية.
يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا لست أول نبي دعا إلى التوحيد، فقد جاء قبلي أنبياء كثيرون كلهم كانوا بشرا، وكانوا يلبسون الثياب ويأكلون الطعام، ولم يدع أحد منهم أنه يعلم الغيب المطلق، بل كانوا يقولون: إننا نعلم من أمور الغيب ما يعلمنا الله إياه فقط.
ولم يستسلم أحد منهم أمام المعاجز التي كان يقترحها الناس، والتي كانت تقوم على أساس الرغبة والميول.
كل ذلك ليعلم الجميع أن النبي أيضا عبد من عباد الله، وعلمه وقدرته محدودة بما يريده الله سبحانه ويمنحه، فإن العلم المطلق والقدرة المطلقة لله جل وعلاء وحسب.
هذه الحقائق كان يجب على الناس أن يعلموها ويدركوها، لينتهوا من إشكالاتهم الجوفاء.
كل ذلك ورد بعد البحث الذي مر في الآيات السابقة، حيث كانوا يرمون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسحر مرة، وبالافتراء أخرى، ليعلم أن منبع هذه الاتهامات ومصدرها هو تلك الأوهام التي أجيب عنها في هذه الآية.
ومن هنا يتضح أن مفاد هذه الآية لا يتنافى مع الآيات الأخرى التي توحي بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلم الغيب، كالذي ورد في سورة الفتح حول فتح مكة ودخول المسجد الحرام - الآية 27 من سورة الفتح - أو ما ورد في شأن المسيح (عليه السلام) حيث يقول: أنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم (1)، وأمثال ذلك، لأن الآية مورد البحث تنفي علم الغيب المطلق، لا مطلق علم الغيب، وبتعبير آخر، فإن الآية