عليه في الآفاق والأنفس، والتي مرت الإشارة إليها في الآيات السابقة؟
كل محتمل، إلا أن الظاهر هو أن المراد الآيات القرآنية بقرينة التعبير بالتلاوة، غاية ما في الأمر أن هذه الآيات القرآنية آيات الله سبحانه في كل عالم الوجود، وعلى هذا فيمكن الجمع بين التفسيرين (فتأمل!).
وعلى أية حال، فإن (التلاوة) من مادة (تلو) أي الإتيان بالكلام بعد الكلام متعاقبا، وبناء على هذا فإن تلاوة آيات القرآن تعني قراءتها بصورة متوالية متعاقبة.
والتعبير بالحق إشارة إلى محتوى هذه الآيات، وهو أيضا إشارة إلى كون نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والوحي الإلهي حقا. وبعبارة أخرى، فإن هذه الآيات بليغة معبرة تضمنت في طياتها الاستدلال على حقانيتها وحقانية من جاءها.
وحقا إذا لم يؤمن هؤلاء بهذه الآيات فبأي شئ سوف يؤمنون؟ ولذلك تعقب الآية: فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون (1).
وعلى قول " الطبرسي " في مجمع البيان، فإن الحديث إشارة إلى قصص الأقوام الماضين، وأحداثهم التي تبعث على الاعتبار بهم، في حين أن الآيات تقال للدلائل التي تميز الحق من الباطل والصحيح من السقيم، وآيات القرآن المجيد تتحدث عن الاثنين معا.
حقا إن للقرآن الكريم محتوى عميقا من ناحية الاستدلال والبراهين على التوحيد، وكذلك فهو يحتوي على مواعظ وإرشادات تجذب العباد إلى الله سبحانه حتى القلوب التي لها أدنى استعداد - أو أرضية صالحة -، وتدعو كل مرتبط بالحق إلى الطهارة والتقوى، فإذا لم تؤثر هذه الآيات البينات في أحد فلا أمل في هدايته بعد ذلك.
* * *