و " الأثيم " من مادة إثم، أي المجرم والعاصي، وتعطي أيضا صفة المبالغة.
ويتضح من هذه الآية جيدا أن الذين يقفون موقف الخصم العنيد المتعصب أمام آيات الله سبحانه هم الذين غمرت المعصية كيانهم، فانغمسوا في الذنوب والآثام والكذب، لا أولئك الصادقون الطاهرون، فإنهم يذعنون لها لطهارتهم ونقاء سريرتهم.
ثم تشير الآية التالية إلى كيفية اتخاذهم لموضع الخصام هذا، فتقول: يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها (1) ولهذا فإنه بحكم تلوثه بالذنب والكذب، والغرور والكبر والعجب، يمر كأن لم يسمع كل هذه الآيات، وكأنه أصم أو أنه يعتبر نفسه كذلك، كما ورد لك في الآية (7) من سورة لقمان:
وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا.
وتهدده الآية في نهايتها بالعذاب الشديد، فتقول: فبشره بعذاب أليم فكما أنه آذى قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين وآلمهم، فإننا سنبتليه بعذاب أليم أيضا، لأن عذاب القيامة تجسم لأعمال البشر في الحياة الدنيا.
وبالرغم من أن بعض المفسرين ذكر سبب نزول لهذه الآية والآية التي تليها، واعتبروهما إشارة إلى أبي جهل أو النظر بن الحارث، ذلك أنهم كانوا قد جمعوا قصصا وأساطير من العجم ليلهوا بها الناس ويصرفوهم عن دين الحق.
لكن من الواضح أن هذه الآية لا تختص بهم، بل ولا بمشركي العرب أيضا، فهي تشمل كل المجرمين الكاذبين المستكبرين في كل عصر وزمان، وكل الذين يصرون كأن لم يسمعوا آيات الله سبحانه ونداءات الأنبياء وكلمات الأئمة والعظماء، لأنها لا تنسجم مع شهواتهم وميولهم ورغباتهم المنحرفة، ولا تؤيد أفكارهم الشيطانية، ولا توافق عاداتهم الخاطئة وأعرافهم البالية وتقاليدهم العمياء.