تعالى على كل فرد، وعلى كل شئ، وهو يوم العدل والقانون والمحكمة الكبرى.
لكن، ومن أجل أن لا يستغل مثل هؤلاء الأفراد هذا الصفح الجميل والعفو والتسامي، فقد أضافت الآية: ليجزي قوما بما كانوا يكسبون.
لقد اعتبر بعض المفسرين هذه الجملة تهديدا للكفار والمجرمين، في حين أن البعض الآخر اعتبرها بشارة للمؤمنين لهذا العفو والصفح. لكن لا مانع من أن تكون تهديدا لتلك الفئة من جانب، وبشارة لهذه الجماعة من جانب آخر، كما أشير إلى هذا المعنى في الآية التالية أيضا.
تقول الآية: من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون.
إن هذا التعبير الذي ورد في القرآن الكريم مرارا، وبعبارات مختلفة، يشكل جوابا لمن يقول: ماذا يضر عصياننا الله تعالى، وما تنفعه طاعتنا؟ ولماذا هذا الإصرار على طاعة أوامره والانتهاء عن معاصيه؟
فتقول هذه الآيات: إن كل ضرر ذلك وكل نفعه يعود عليكم، فأنتم الذين تسلكون مراقي الكمال في ظل الأعمال الصالحة، وتحلقون إلى سماء قرب الله عز وجل، كما أنكم أنتم الذين تهوون إلى الحضيض نتيجة ارتكابكم الآثام والمعاصي، فتبتعدون عن الله عز وجل وتستحقون بذلك اللعنة الأبدية.
إن كل أمور التكليف، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب تهدف إلى هذا المراد السامي، ولذلك يقرر القرآن الحكيم ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد (1) ويقول في موضع آخر: فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها (2) ونقرأ في موضع ثالث: ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه والى الله المصير (3)