المختلفة تماما، والتي قد يصرف جمع من العلماء كل أعمارهم أحيانا لمطالعة حياة وسلوك نوع واحد منها، ومع أن آلاف الكتب قد كتبت حول أسرار هذه المخلوقات، فإن ما نعلمه عنها قليل بالنسبة إلى ما نجهله منها.. كل واحد من هذه المخلوقات آية بنفسه، ودليل على علم مبدئ الخلقة وحكمته وقدرته اللامتناهية.
لكن، لماذا يعيش جماعة عشرات السنين في ظل هذه الآيات، ويمرون عليها، دون أن يطلعوا حتى على واحدة منها!؟
إن سبب ذلك هو ما يقرره القرآن الكريم من أن هذه الآيات خاصة للمؤمنين وطلاب اليقين وأصحاب الفكر والعقل، ولأولئك الذين فتحوا أبواب قلوبهم لمعرفة الحقيقة، بكل وجودهم الظامئ للعلم واليقين ليرتووا من صافي نبعه وفيضه، فلا تعزب عن نظرهم أدنى حركة ولا أصغر موجود، ويفكرون فيه الساعات الطوال، ليجعلوا منه سلما للارتقاء إلى الله سبحانه، وسجلا لمعرفته جل وعلا، وليذوبوا في مناجاته، وليملؤوا أقداح قلوبهم من خمرة عشقه فينتشوا منها.
وتذكر الآية التالية ثلاث مواهب أخرى لكل منها أثره الهام في حياة الإنسان والكائنات الحية الأخرى، وكل منها آية من آيات الله تعالى، وهي مواهب " النور " و " الماء " و " الهواء "، فتقول: واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون.
إن نظام " النور والظلمة "، وحدوث الليل والنهار حيث يخلف كل منهما الآخر نظام موزون دقيق جدا، وهو عجيب في وضعه وسنته وقانونه، فإذا كان النهار دائميا، أو أطول من اللازم، فسترتفع الحرارة حتى تحترق الكائنات الحية، ولو كان الليل سرمدا، أو طويلا جدا لانجمدت الموجودات من شدة البرد.
ويحتمل في تفسير الآية أن لا يكون المراد من اختلاف الليل والنهار تعاقبهما، بل هو إشارة إلى اختلاف المدة وتفاوت الليل والنهار، في فصول السنة، فيعود