عليهم، أما القلوب المهيأة فسوف تقبل بذلك بالرغم من أن كثيرا من الجاهلين سوف يعرضون عنها، ولكنك لست مسؤولا عنهم.
وقد ورد ما يشبه هذا المعنى في بداية هذه السورة في قوله تعالى: وما أنت عليهم بوكيل (1).
ثم ترسم صورة لحال هذه الجماعة غير المؤمنة والمعرضة عن الحق فتقول:
وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها ويغفل عن ذكر الخالق: وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور.
فلا النعم الإلهية وشكر المنعم توقظ هذا الإنسان وتجره نحو الشكر والمعرفة والطاعة، ولا العقوبات التي تصيبه بسبب الذنوب توقظه من نوم الغفلة، ولا تؤثر فيه دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
فعوامل الهداية من حيث " التشريع " هي دعوة رسل الخالق، ومن حيث " التكوين " قد تكون النعم وقد تكون المصائب، إلا أن هؤلاء الجهلة ذوي القلوب الميتة لا تؤثر فيهم أي من هذه العوامل، وهذا بسببهم أنفسهم وليس بسببك، لأنك قمت بمسؤوليتك في الإبلاغ.
وقد تكون عبارة " إذا أذقنا " في الآية أعلاه (وهي هنا بخصوص رحمة الخالق، وفي آيات قرآنية أخرى بخصوص العذاب الإلهي) إشارة إلى أن النعم والمصائب في هذه الدنيا تعتبر لا شئ بالنسبة إلى نعم ومصائب الآخرة. أو قد تكون بمعنى أن هؤلاء الأشخاص يصابون بالغرور والطغيان بمجرد قليل من النعمة، واليأس والكفر بقليل من المصائب.
ومن الضروري الإشارة إلى هذه الملاحظة، وهي أن الخالق يوكل النعم إلى نفسه، لأن رحمته تقتضي ذلك، بينما يوكل المصائب والابتلاءات إليهم، لأنها نتيجة أعمالهم.