ولنا أن نلاحظ أن العبارة الأخيرة برغم أنها تحمل معنيين إلا أن " مؤمن آل فرعون " يهدف من خلالها إلى توضيح حال الفراعنة.
والتعبير الذي يليه يفيد أن فرعون، أو بعض الفراعنة - على الأقل - كانوا يؤمنون بالله، وإلا فإن تعبير " مؤمن آل فرعون " في خلاف هذا التأويل سيكون دليلا على إيمانه بإله موسى (عليه السلام) وتعاونه مع بني إسرائيل، وهذا ما لا يتطابق مع دوره في تكتمه على إيمانه، ولا يناسب أيضا مع أسلوب " التقية " التي كان يعمل بها.
وبالنسبة للتعبير الآنف الذكر وإن يك كاذبا... فقد طرح المفسرون سؤالين:
الأول: إذا كان موسى (عليه السلام) كاذبا، فإن عاقبة كذبه سوف لن تقتصر عليه و حسب، وإنما سوف تنعكس العواقب السيئة على المجتمع برمته.
الثاني: أما لو كان صادقا، فستتحقق كل تهديداته ووعيده لا بعض منها، كما في تعبير " مؤمن آل فرعون "؟
بالنسبة للسؤال الأول، نقول: إن المراد هو معاقبة جريمة الكذب التي تشمل شخص الكذاب فقط ويكفينا العذاب الإلهي لدفع شره. وإلا فكيف يمكن لشخص أن يكذب على الله، ويتركه سبحانه لشأنه كي يكون سببا لإضلال الناس وإغوائهم؟
وبالنسبة للسؤال الثاني، من الطبيعي أن يكون قصد موسى (عليه السلام) من التهديد بالعذاب، هو العذاب الدنيوي والأخروي، والتعبير ب " بعض " إنما يشير إلى العذاب الدنيوي، وهو الحد الأدنى المتيقن حصوله في حالة تكذيبكم إياه.
وفي كل الأحوال تبدو جهود " مؤمن آل فرعون " واضحة في النفود بشتى الوسائل والطرق إلى أعماق فرعون وجماعته لتثنيهم عن قتل موسى (عليه السلام).
ونستطيع هنا أن نلخص الوسائل التي اتبعها بما يلي: