وفي حديث ورد عن رسول الله، جاء فيه: " الصور قرن من نور فيه أثقاب على عدد أرواح العباد " (1).
طرح مسألة النور هنا بمثابة جواب على السؤال الثاني المذكور أعلاه، ويوضح أن الصيحة العظيمة ليست من قبيل الأمواج الصوتية الاعتيادية، وإنما هي صيحة أعظم وأعظم، وتكون أمواجها ذات سرعة فائقة وغير طبيعية حتى أنها أسرع من الضوء الذي يجتاز السماء والأرض بفترة زمنية قصيرة جدا، ففي المرة الأولى تكون مميتة، في المرة الثانية تكون باعثة للأموات.
أما كيف يتسبب مثل هذا الصوت في إماتة العالمين، فإن كان هذا الأمر عجيبا في السابق، فإنه غير عجيب اليوم، لأننا سمعنا كثيرا بأن الأمواج الانفجارية تسببت في تمزق أجساد البعض وإصابة آخرين بالصميم، ورمي آخرين إلى مسافة بعيدة عن مكانهم، وتسببت في تدمير البيوت أيضا، كما شاهد الكثير منا كيف أن زيادة سرعة الطائرة وبعبارة أخرى (اختراق حاجز الصوت) يولد صوتا مرعبا وأمواجا مدمرة، قد تحطم زجاج نوافذ الكثير من العمارات والبيوت.
فإذا كانت الأمواج الصوتية الصغيرة التي هي من صنع الإنسان تحدث مثل هذا التأثير، فما هي الآثار التي تتركها الصيحة الإلهية العظيمة، هي بلا شك انفجار عالمي كبير.
ولهذا السبب لا عجب أيضا إن قلنا بوجود أمواج تقابل تلك الأمواج، وأنها تهز الإنسان وتوقظه وتحييه، رغم أنه من العسير علينا تصور هذا المعنى، ولكننا نرى دائما كيف يوقظ النائم من نومه بواسطة الصوت، وكيف يعود الإنسان المغمى عليه إلى حالته الطبيعية بواسطة عدة صعقات شديدة، ونكرر القول مرة أخرى، ونقول: إن علمنا المحدود لا يمكنه إدراك سوى ظل هذه الأمور ومن بعيد.