المظلمة عن سماء أرواحهم، فلا خوف من عذاب إلهي، ولا وحشة من موت وفناء، ولا قلق، ولا أذى الماكرين، ولا اضطهاد الجبابرة القساة الغاصبين.
اعتبر بعض المفسرين ذلك الغم والحسرة إشارة إلى نظير ما يتعرض له في الدنيا، واعتبره البعض الآخر إشارة إلى الحسرة في المحشر على نتائج أعمالهم، ولا تضاد بين هذين التفسيرين، ويمكن جمعهما في إطار المفهوم العام للآية.
" الحزن ": (على وزن عدم)، و " الحزن " - على وزن عسر - كليهما لمعنى واحد كما ذهب إليه أرباب اللغة، وأصله الوعورة والخشونة في الأرض وأطلق على الخشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم ويضاده الفرح (1).
ثم يضيف أهل الجنة هؤلاء إن ربنا لغفور شكور.
فبغفرانه أزال عنا حسرة الزلات والذنوب، وبشكره وهبنا المواهب الخالدة التي لن يلقى عليها الغم بظلاله المشؤومة. غفر وستر بغفرانه الكثير الكثير من ذنوبنا، وبشكره أعطانا الكثير الكثير على أعمالنا البسيطة القليلة القليلة!
أخيرا تنتقل الآية مشيرة إلى آخر النعم، وهي عدم وجود عوامل الإزعاج والمشقة والتعب والعذاب، فتحكي عن ألسنتهم الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب.
الدار الآخرة هناك دار إقامة لا كما في الدنيا حيث أن الإنسان ما أن يألف محيطه ويتعلق به حتى يقرع له جرس الرحيل! هذا من جانب.. ومن جانب آخر فمع أن العمر هناك متصل بالأبد، إلا أن الإنسان لا يصيبه الملل أو الكلل، أو التعب أو النصب مطلقا، لأنهم في كل آن أمام نعمة جديدة، وجمال جديد.
" النصب " بمعنى التعب، و " اللغوب " بمعنى التعب والنصب أيضا. هذا على ما تعارف عليه أهل اللغة والتفسير، في حين أن البعض فرق بين اللفظتين فقال بأن (النصب) يطلق على المشاق الجسمانية، و " اللغوب " يطلق على المشاق