3 سؤال مهم:
وهنا يطرح السؤال التالي، وهو: إن كانت مشيئة الباري عز وجل وإرادته تقضي بتقديم يد العون للأنبياء ونصرة المؤمنين، فلم نشاهد استشهاد الأنبياء على طول تأريخ الحوادث البشرية، وانهزام المؤمنين في بعض الأحيان؟ فإن كانت هذه سنة إلهية لا تقبل الخطأ، فلم هذه الاستثناءات؟
ونجيب على هذا السؤال بالقول:
أولا: إن الانتصار له معان واسعة، ولا يعطي في كل الأحيان معنى الانتصار الظاهري والجسماني على العدو، فأحيانا يعني انتصار المبدأ، وهذا هو أهم انتصار، فلو فرضنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد استشهد في إحدى الغزوات، وشريعته عمت العالم كله، فهل يمكن أن نعبر عن هذه الشهادة بالهزيمة.
وهناك مثال أوضح وهو الحسين (عليه السلام) وأصحابه الكرام حيث استشهدوا على أرض كربلاء، وكان هدفهم العمل على فضح بني أمية، الذين ادعوا أنهم خلفاء الرسول، وكانوا في حقيقة الأمر يعملون ويسعون إلى إعادة المجتمع الإسلامي إلى عصر الجاهلية، وقد تحقق هذا الهدف الكبير، وأدى استشهادهم إلى توعية المسلمين إزاء خطر بني أمية وإنقاذ الإسلام من خطر السقوط والضياع، فهل يمكن هنا القول بأن الحسين (عليه السلام) وأصحابه الكرام خسروا المعركة في كربلاء؟
المهم هنا أن الأنبياء وجنود الله - أي المؤمنون - تمكنوا من نشر أهدافهم في الدنيا واتبعهم أناس كثيرون، وما زالوا يواصلون نشر مبادئهم وأفكارهم رغم الجهود المستمرة والمنسقة لأعداء الحق ضدهم.
وهناك نوع آخر من الانتصار، وهو الانتصار المرحلي على العدو، والذي قد يتحقق بعد قرون من بدء الصراع، فأحيانا يدخل جيل معركة ما ولا يحقق فيها أي انتصار، فتأتي الأجيال من بعده وتواصل القتال فتنتصر، كالانتصار الذي حققه المسلمون في النهاية على الصليبيين في المعارك التي دامت قرابة القرنين، وهذا