تشير الآية (257) من سورة البقرة إلى هذا الموضوع فتقول: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
وبما أن العين المبصرة وحدها لا تكفي لتحقق الرؤية، فيجب توفر النور والإضاءة أيضا لكي يستطيع الإنسان - الإبصار بمساعدة هذين العاملين - تضيف الآية التالية: ولا الظلمات ولا النور.
لأن الظلام منشأ الضلال، الظلام سبب السكون والركود، الظلام مسبب لكل أنواع المخاطر، أما النور والضياء فهو منشأ الحياة والمعيشة والحركة والرشد والنمو والتكامل، فلو زال النور لتوقفت كل حركة وتلاشت جميع الطاقات في العالم، ولعم الموت العالم المادي - بأسره، وكذلك نور الإيمان في عالم المعنى، فهو سبب الرشد والتكامل والحياة والحركة.
ثم تضيف الآية ولا الظل ولا الحرور فالمؤمن يستظل في ظل إيمانه بهدوء وأمن وأمان، أما الكافر فلكفره يحترق بالعذاب والألم.
يقول " الراغب " في مفرداته: الحرور: (على وزن قبول) الريح الحارة.
واعتبرها بعضهم " ريح السموم " وبعضهم قال بأنها " شدة حرارة الشمس ".
ويقول " الزمخشري " في الكشاف: " السموم يكون بالنهار، والحرور بالليل والنهار، وقيل بالليل خاصة " (1)، على أية حال، فأين الحرور من الظل البارد المنعش الذي يبعث الارتياح في روح وجسم الإنسان.
ثم يقول تعالى في آخر تشبيه: وما يستوي الأحياء ولا الأموات.
المؤمنون حيويون، سعاة متحركون، لهم رشد ونمو، لهم فروع وأوراق وورود وثمر، أما الكافر فمثل الخشبة اليابسة، لا فيها طراوة ولا ورق ولا ورد ولا ظل لها، ولا تصلح إلا حطبا للنار.