تعرضت الآيات أعلاه إلى موضوعين من أهم المواضيع المتعلقة بحياة البشر.
على أنهما آيتان من آيات الله وهما مسألة ظلمة الليل ومسألة الشمس ونورها.
قلنا سابقا أن النور من ألطف وأكثر موجودات العالم المادي بركة. وليس لإضاءتنا ومعيشتنا فقط فكل حركة ونشاط مرتبط بنور الشمس، نزول قطرات المطر، نمو النباتات، تفتح البراعم، نضوج الثمار والفواكه، خرير الجداول، تلوين مائدة الطعام بأنواع المواد الغذائية، وحتى حركة عجلة المصانع العظيمة، وتوليد الطاقة الكهربائية، وأنواع المنتجات الصناعية، كلها تعود في أصلها إلى هذا المنبع العظيم للطاقة، أي نور الشمس.
وخلاصة القول فإن جميع الطاقات على سطح الكرة الأرضية - عدا الطاقة الناجمة عن تفجير الذرة - جميعها تستمد وجودها من نور الشمس، ولولا الأخير لخيم الصمت والموت على كل مكان.
ظلمة الليل مع أنها تذكر بالموت والفناء، فإنها تعد من الأمور الحياتية الهامة في حياة البشر، لأنها تعدل نور الشمس وتؤثر عميقا في راحة جسم وروح الإنسان، والمنع من المخاطر الناجمة عن تسلط أشعة الشمس بشكل متواصل ومستمر، بحيث لو لم يكن الليل عقيب النهار لارتفعت درجة الحرارة على سطح الأرض إلى درجة أن الأشياء جميعا تأخذ بالإشتعال والاحتراق، كذلك في القمر حيث الليالي والأيام طويلة (كل ليلة هناك تعادل حوالي خمسة عشر يوما بلياليها على الأرض، كذلك الحال بالنسبة للنهار) فحرارة النهار قاتلة، وبرودة مجمدة.
وعليه فإن كلا من " النور والظلام " آية إلهية عظيمة.
ناهيك عن أن النظام المتناهي الدقة الذي يحكمهما، أدى إلى تنظيم تأريخ حياة البشر، ذلك التأريخ الذي لولا وجوده لتفتتت الروابط الاجتماعية، وأصبحت الحياة بالنسبة إلى البشر أشبه بالمستحيل، وبذا فإن كلا من " النور والظلام " آيتان إلهيتان من هذه الناحية أيضا.