وهنا يقول التابعون لمتبوعيهم: إنكم شياطين، إذ كنتم تأتوننا بعنوان النصيحة والهداية والتوجيه وإرادة الخير والسعادة لنا، ولكن لم يكن من وراء مجيئكم سوى المكر والضياع قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين.
إذ أننا - بحكم فطرتنا - كنا نسعى وراء الخير والطهارة والسعادة، ولذا لبينا دعوتكم، لكننا لم نكن نعلم أنكم تخفون وراء وجوهكم الخيرة ظاهرا وجها آخر شيطانيا وقبيحا أوقعنا في الخطيئة، نعم فكل الذنوب التي ارتكبناها أنتم مسؤولون عنها، لأننا لم نكن نملك شيئا سوى حسن النية وطهارة القلب، وأنتم الشياطين الكذابون لم يكن لديكم سوى الخداع والمكر.
كلمة (يمين) تعني (اليد اليمنى) أو (الجهة اليمنى) والعرب تعتبرها في بعض الأحيان كناية عن الخير والبركة والنصيحة، وكل ما يرد إليهم من جهة اليمين يتفاءلون به، ولذا فإن الكثير من المفسرين يفسرون كنتم تأتوننا عن اليمين على أنها تظهر الخير والنصيحة كما ذكرنا ذلك أعلاه.
على أية حال، الثقافة العامة تعتبر العضو الأيمن أو الطرف الأيمن شريفا، والأيسر غير شريف، ولهذا السبب تستعمل اليمين للإحسان وعمل الخيرات.
وقد ذكرت مجموعة من المفسرين تفسيرا آخر وهو: إن المقصود هو أنكم أتيتمونا باعتمادكم على القدرة، لأن الجهة اليمنى تكون عادة هي الأقوى، وبهذا الدليل فإن أغلب الناس ينجزون أعمالهم المهمة والصعبة باليد اليمنى، لذا فقد أصبح هذا التعبير كناية عن " القدرة ".
وهناك تفسيرات أخرى تعود إلى هذين التفسيرين أعلاه، ولكن لا شك أن التفسير الأول أنسب.
وفي المقابل فإن المتبوعين والقادة لا يسكتون، بل يجيبون تابعيهم بالقول:
قالوا بل لم تكونوا مؤمنين.
فلو لم تكن أهواؤكم منحرفة، ولو لم تكونوا من طلاب الشر والشيطنة، لما