وقدرتهم، ولهذا السبب فإن وجود إله واحد يعد قليلا من وجهة نظرهم، في حين - كما هو معلوم - أن الأشياء المتعددة من وجهة النظر الفلسفية تكون دائما محدودة، والوجود اللامحدود واحد لا أكثر، ولهذا السبب فإن كل الدراسات في معرفة الله تنتهي إلى توحيده.
وبعد أن يئس طغاة قريش من توسط أبي طالب في الأمر وفقدوا الأمل، خرجوا من بيته، ثم إنطلقوا وقال بعضهم لبعض، أو قالوا لأتباعهم: اذهبوا وتمسكوا أكثر بآلهتكم، واصبروا على دينكم، وتحملوا المشاق لأجله، لأن هدف محمد هو جر مجتمعنا إلى الفساد والضياع وزوال النعمة الإلهية عنا بسبب تركنا الأصنام، وإنه يريد أن يترأس علينا وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشئ يراد.
" إنطلق " مشتقة من (انطلاق) وتعني الذهاب بسرعة والتحرر من عمل سابق، وهنا تشير إلى تركهم مجلس أبي طالب وعلامات الضجر والغضب بادية عليهم.
و (الملأ) إشارة إلى أشراف قريش المعروفين الذين ذهبوا إلى أبي طالب، وبعد خروجهم من بيته تحدث بعضهم لبعض أو لأتباعهم أن لا تتركوا عبادة أصنامكم وأثبتوا على عبادة آلهتكم.
وجملة لشئ يراد تعني أن هناك أمرا يراد بنا. ولكونها جملة غامضة بعض الشئ، فقد ذكر المفسرون لها تفاسير عديدة، منها: أنها إشارة إلى دعوة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ اعتبرت قريش هذه الدعوة مؤامرة ضدها، وقالت: إن ظاهرها يدعو إلى الله، وباطنها يهدف إلى السيادة والرئاسة علينا وعلى العرب، وما هذه الدعوة إلا ذريعة لتنفيذ ذلك الأمر، أي السيادة والرئاسة، ودعت الناس إلى التمسك أكثر بعبادة الأصنام، وترك تحليل أمر هذه المؤامرة إلى زعماء القوم، وهذا الأسلوب طالما لجأ إليه أئمة الضلال لإسكات أصوات السائرين في طريق الحق، إذ يطلقون على الدعوة إلى الله لفظة (مؤامرة) المؤامرة التي يجب أن يتولى