هنا يستشف أن بعض الروايات الإسلامية غير المعروفة والتي تؤكد على أن إسحاق هو (ذبيح الله) متأثرة ببعض الروايات الإسرائيلية، ويحتمل أن اليهود وضعوها، وذلك لأنهم من ذرية (إسحاق)، وقد حاولوا نسب هذا الفخر لهم، حتى ولو كان عن طريق تزييف الوقائع والحقائق، وسلبه من المسلمين الذين كان نبيهم نبي الرحمة أحد أحفاد إسماعيل.
على أية حال، فإن ظواهر آيات القرآن الكريم هي أقوى دليل لنا، إذ توضح بصورة كافية، أن الذبيح هو إسماعيل، رغم أنه لا فرق بالنسبة لنا إن كان الذبيح إسماعيل أو إسحاق، فالإثنان هما أبناء إبراهيم (عليه السلام)، وكلاهما من أنبياء الله العظام، ولكن الهدف هو توضيح هذه الحادثة التاريخية.
3 2 - هل أن إبراهيم كان مكلفا بذبح ابنه؟
من الأسئلة المهمة الأخرى التي تطرح نفسها في هذا البحث، والتي تثير التساؤل في أوساط المفسرين، هي: هل أن إبراهيم كان حقا مكلفا بذبح ابنه أم أنه كان مكلفا بتنفيذ مقدمات الذبح؟
فإن كان مكلفا بالذبح، فكيف ينسخ هذا الحكم الإلهي قبل تنفيذ عملية الذبح، في حين أن النسخ قبل العمل غير جائز، وهذا المعنى ثابت في علم (أصول الفقه).
وإن كان مكلفا بتنفيذ مقدمات عملية الذبح، فهذا لا يعتبر فخرا له. وما قيل من أن أهمية المسألة نشأت من أن إبراهيم بعد تنفيذه لهذا الأمر وتهيئة مقدماته كان ينتظر نزول أمر بشأن الذبح وكان هذا هو الامتحان الكبير له - فهو كلام غير جدير بالرد.
باعتقادنا، أن التقولات هذه ناشئة عن عدم التفريق بين الأوامر الامتحانية وغير الامتحانية، فالأمر الصادر إلى إبراهيم هو أمر امتحاني، وكما هو معروف فإن الأوامر الامتحانية لا تتعلق فيها الإرادة الحقيقية بطبيعة العمل، وإنما الهدف