به لمعصية ارتكبها) فأجاب (عليه السلام) بقوله: " لنعمة أنعم الله عز وجل عليه بها في الدنيا وأدى شكرها، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس دون العرش، فلما صعد ورأى شكر نعمة أيوب (عليه السلام) حسده إبليس، فقال: يا رب، إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا، ولو حرمته دنياه ما أدى إليه شكر نعمة أبدا، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لم يؤد إليك شكر نعمة أبدا ".
(ولكي يوضح البارئ عز وجل إخلاص أيوب للجميع، ويجعله نموذجا حيا للعالمين حتى يشكروه حين النعمة ويصبروا حين البلاء، سمح الباري عز وجل للشيطان في أن يتسلط على دنيا أيوب).
" فقال له الباري عز وجل: قد سلطتك على ماله وولده، قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولدا إلا أعطبه (أي أهلكه) فإزداد أيوب لله شكرا وحمدا. قال:
فسلطني على زرعه يا رب، قال: قد فعلت، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على غنمه، فسلطه على غنمه فأهلكها، فإزداد أيوب لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على بدنه فسلطه على بدنه ما خلا عقله وعينيه، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك دهرا طويلا يحمد الله ويشكره ".
(ولكن وقعت حادثة كسرت قلبه وجرحت روحه جرحا عميقا، وذلك عندما زارته مجموعة من رهبان بني إسرائيل).
" وقالوا له: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله كان يهلكنا إذا سألناه، وما نرى ابتلاك بهذا الابتلاء الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تستره؟ فقال أيوب (عليه السلام):
وعزة ربي لم أرتكب أي ذنب، وما أكلت طعاما إلا ويتيم أو ضعيف يأكل معي " (1).