العظيمة وصبر " المؤمنين السابقين في الخيرات " ينتقل الحديث هنا إلى العقوبات الأليمة للكفار، والحديث هنا أيضا عن العقوبات المادية والمعنوية.
تبتدئ الآيات بالقول: والذين كفروا لهم نار جهنم، فكما أن الجنة دار المقامة والخلد للمؤمنين، فإن النار أيضا مقام أبدي للكافرين.
ثم تضيف لا يقضى عليهم فيموتوا (1)، فمع أن تلك النار الحامية وذلك العذاب المؤلم يستطيع القضاء عليهم في كل لحظة، إلا أنهم ولعدم صدور الأمر الإلهي - وهو المالك لكل شئ - بموتهم لا يموتون، يجب أن يبقوا على قيد الحياة ليذوقوا عذاب الله. فالموت بالنسبة إلى هؤلاء ليس سوى منفذ للخلاص من العذاب، لكن الله تعالى أوصد دونهم ذلك المنفذ.
يبقى منفذ آخر هو أن يبقوا على قيد الحياة ويخفف عنهم العذاب شيئا فشيئا، أو أن يزداد تحملهم للعذاب فينتج عن ذلك تخفيف العذاب عنهم، ولكن تتمة الآية أغلقت هذا المنفذ أيضا ولا يخفف عنهم من عذابها.
ثم تضيف الآية وللتأكيد على قاطعية هذا الوعد الإلهي كذلك نجزي كل كفور.
فقد كفر هؤلاء في بادئ الأمر بنعمة وجود الأنبياء والكتب السماوية، ثم أتلفوا رصيدهم الذي سخره الله لمساعدتهم على نيل السعادة، نعم، فجزاء الكفار ليس سوى الحريق والعذاب الأليم، الحريق بالنار التي أشعلوها بأيديهم في الحياة الدنيا واحتطبوا لها من أفكارهم وأعمالهم ووجودهم.
وبما أن كلمة " كفور " صيغة مبالغة، فإن لها معنى أعمق من " كافر "، علاوة على أن لفظة " كافر " تستخدم في قبال " مؤمن " ولكن " كفور " إشارة إلى أولئك الذين كفروا بكل نعم الله، وأغلقوا عليهم جميع أبواب الرحمة الإلهية في هذه الدنيا، لذا فإن الله يغلق عليهم جميع أبواب النجاة في الآخرة.