سورة الأنعام، قوله تعالى: قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.
ويؤكد القرآن الكريم التهديد الأول بتهديد آخر جاء في الآية التي تلتها، إذ تقول: انظر إلى لجاجتهم وكذبهم واعتقادهم بالخرافات، إضافة إلى حمقهم.
فإنهم سيرون جزاء أعمالهم القبيحة عن قريب وأبصرهم فسوف يبصرون وسوف ترى في القريب العاجل انتصارك وانتصار المؤمنين وانكسار وهزيمة المشركين المذلة في الدنيا.
وعن تكرار أولئك الحمقى لهذا السؤال على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أين العذاب الإلهي الذي واعدتنا به؟ وإن كنت صادقا، فلم هذا التأخير؟
يرد القرآن الكريم عليهم بلهجة شديدة مرافقة بالتهديد، قائلا: أولئك الذين يستعجلون العذاب وأحيانا يتساءلون (متى هذا الوعد) وأحيانا أخرى يقولون متسائلين (متى هذا الفتح) أفبعذابنا يستعجلون؟
فعندما ينزل عذابنا عليهم، ونحيل صباحهم إلى ظلام حالك، فإنهم في ذلك الوقت سيفهمون كم كان صباح المنذرين سيئا وخطيرا فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين (1).
استخدام عبارة (ساحة) والتي تعني فناء البيت أو الفضاء الموجود في وسط البيت، جاء ليجسم لهم نزول العذاب في وسط حياتهم، وكيف أن حياتهم الطبيعية ستتحول إلى حياة موحشة ومضطربة.
عبارة صباح المنذرين تشير إلى أن العذاب الإلهي سينزل صباحا على هؤلاء القوم اللجوجين والمتجبرين، كما نزل صباحا على الأقوام السابقة، أو أنها تعطي هذا المعنى، وهو أن كل الناس ينتظرون أن يبدأ صباحهم بالخير والإحسان، إلا أن هؤلاء ينتظرهم صباح حالك الظلمة. أو أنها تعني وقت الاستيقاظ في الصباح، أي إنهم يستيقظون في وقت لم يبق لهم فيه أي طريق للنجاة من العذاب، وأن كل شئ قد إنتهى.