فالمتقون لهم (حسن مآب)، ولهؤلاء العاصين الطغاة (شر مآب).
ثم تعمد آيات القرآن المجيد إلى الاستفادة من أسلوب الإيجاز والتفصيل، إذ تقول: جهنم يصلونها فبئس المهاد (1). أي إن جهنم هي المكان المشؤوم الذي سيردونه، وإنهم سيحترقون بنيرانها، فيا لها من فراش سئ.
والظاهر أن عبارة (يصلونها) (أي يدخلون في جهنم ويحترقون بنيرانها) يراد منها بيان أن لا يتصور أحدهم أنه سيرى جهنم من مسافة بعيدة، أو أنه سيستقر بالقرب منها، كلا، بل إنه سيرد إلى داخلها، ولا يتصور أحدهم أنه سيعتاد على نار جهنم ومن ثم يستأنس بها، كلا، فإنه يحترق فيها على الدوام.
" مهاد " كما قلنا من قبل، تعني الفراش المهيأ للنوم والاستراحة، كما تطلق على سرير الطفل.
وبالطبع فإن الفراش هو مكان استراحة، ويجب أن يكون مناسبا - في كل الأحوال - لوضع الشخص وملائما لرغبته، ولكن كيف سيكون حال الذين خصصت لهم نار جهنم فراشا؟!
ثم تتطرق الآيات إلى أنواع أخرى من العذاب الإلهي، إذ تقول: هذا فليذوقوه حميم وغساق (2). أي يجب عليهم أن يشربوا الحميم والغساق.
" الحميم " هو الماء الحار الشديد الحرارة، والذي هو أحد أنواع أشربة أهل جهنم، ويقابل (الشراب الطهور) الذي ذكرته الآيات السابقة المخصص لأهل الجنة.
وكلمة (غساق) من (غسق) على وزن (رمق) وتعني شدة ظلمات الليل. أما ابن عباس فقد فسرها بأنها شراب بارد جدا (بحيث إن برودته تحرق وتجرح أحشاء