المعنى الأول أنسب وأكثر انسجاما مع ظاهر الآية.
* * * 2 ملاحظة 3 من هم حراس الكتاب الإلهي؟
على ما ذكر القرآن الكريم فإن الله سبحانه وتعالى يشمل الأمة الإسلامية بمواهب عظيمة، من أهمها ذلك الميراث الإلهي العظيم وهو " القرآن ".
وقد اصطفيت الأمة الإسلامية من باقي الأمم، وتلك نعمة أعطيت لها، ومسؤولية ثقيلة أسندت إليها بنفس النسبة التي فضلت بها وأصبحت بسببها مشمولة باللطف الإلهي، وستكون هذه الأمة في صف " السابقين بالخيرات " ما أدت حق حفظ وحراسة هذا الميراث العظيم. أي أن تسبق جميع الأمم في الخيرات، في تطوير العلوم، في التقوى والزهد، في العبادة وخدمة البشرية، في الجهاد والاجتهاد، في التنظيم والإدارة، في الفداء والإيثار والتضحية، فتتقدم وتسبق في كل هذه الأمور، وإلا فإنها لا تكون قد أدت حق حفظ ذلك الميراث العظيم. خاصة إذا علمنا أن تعبير " السابقين بالخيرات " مفهوم واسع إلى درجة أنه يشمل التقدم في جميع الأمور ذات المنحى الإيجابي من أمور الحياة.
نعم، فحملة مثل هذا الميراث هم - فقط - أولئك الذين يتصفون بتلك الصفات، بحيث أنهم لو أعرضوا عن تلك الهدية السماوية العظيمة ولم يراعوا حرمتها، فسيكونون مصداقا ل " ظالم لنفسه "، إذ أن محتوى تلك الهدية الإلهية ليس سوى نجاتهم وتوفيقهم وانتصارهم، فإن من يضرب عرض الحائط بنسخة الدواء التي كتبها له الطبيب، فإنه يساعد على استمرار الألم والعذاب لنفسه. وإن من يحطم مصباحه الوحيد وهو يسير في طريق مظلم، إنما يسوق نفسه إلى التيه والضياع، لأن الله سبحانه وتعالى غني عن الجميع.