لا يطيع من تصدى لعداوته منذ اليوم الأول وأخرجه من الجنة، وأقسم على إغواء أبنائه من بعده.
ومن جانب ثالث فقد اخذ هذا العهد على الإنسان بالفطرة الإلهية للناس على التوحيد، وانحصار الطاعة في الله سبحانه، وبهذا لم تتحقق التوصية الإلهية هذه بلسان واحد، بل بعدة ألسنة وأساليب، وامضي هذا العهد والميثاق.
والجدير بالملاحظة أيضا أن " العبادة " الواردة الإشارة إليها في جملة لا تعبدوا الشيطان بمعنى " الطاعة "، لأن العبادة لا تنحصر بمعنى الركوع والسجود فقط، بل إن من مصاديقها الطاعة. كما ورد في الآية (47) من سورة " المؤمنون " أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون وفي الآية (31) من التوبة نقرأ: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا.
والجميل أنه ورد في رواية عن الصادق (عليه السلام) تعليقا على الآية بقوله: " أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون " (1).
وعن الصادق (عليه السلام) أيضا أنه قال: " من أطاع رجلا في معصية فقد عبده " (2).
وعن الباقر (عليه السلام) أنه قال: " من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدي عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان " (3).
الآية التالية تأكيد أشد وبيان لوظيفة بني آدم، تقول الآية الكريمة: وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم.
اخذ على الإنسان العهد بأن لا يطيع الشيطان، إذ أنه أعلن له عن عداوته بشكل