نزل؟
هذا القول يشبه بقية الأقوال التي يخاطب بها القرآن عبدة الأصنام وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون. أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون.
كلا، إنها لم ترد في الكتب السماوية، بل انها خرافات انتقلت من جيل إلى جيل ومن جهلة إلى آخرين، وإنها دعاوي مرفوضة ولا أساس لها، كما أشير إليها في نهاية الآيات المذكورة أعلاه أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون.
الآية اللاحقة تطرقت إلى خرافة أخرى من خرافات مشركي العرب، والتي تزعم بوجود نسبة بين الله عز وجل والجن، فالآية هنا لا تخاطبهم بصورة مباشرة وإنما تخاطبهم بضمير الغائب، لأنهم أناس تافهون، ولا تتوفر فيهم الكفاءة واللياقة للرد على زعمهم وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا.
فما هي النسبة الموجودة بين الله والجن؟
وردت عدة تفاسير مختلفة لهذا السؤال، منها:
قال البعض: إنهم كانوا ثنويين، ويعتقدون (نعوذ بالله) أن الله والشيطان إخوة، الله خالق المحبة، والشيطان خالق الشرور.
وهذا التفسير مستبعد، لأن المذهب الثنوي لم يكن معروفا عند العرب، بل كان منتشرا في إيران خلال عهد الساسانيين.
واعتبر البعض الآخر الجن هم نفس الملائكة، لأن الجن موجودات لا تدركها الأبصار، والملائكة كذلك، ولذلك أطلقوا كلمة " الجن " عليها. إذا، فالمراد من النسبة هي النسبة التي كان يدعيها عرب الجاهلية من أن الملائكة بنات الله.
ويرد على هذا التفسير أن ظاهر آيات بحثنا انها تبحث في موضوعين، إضافة إلى أن إطلاق كلمة (الجن) على الملائكة غير وارد وخاصة في القرآن الكريم.