لإصلاح عصيانه القبيح؟
كلا، إنه طلب من البارئ عز وجل أن يمهله إلى يوم يبعثون كي ينتقم من أبناء آدم (عليه السلام) ويدفعهم جميعا إلى طريق الضلال، رغم علمه بأن إضلاله لكل إنسان سوف يضيف لذنوبه حملا ثقيلا جديدا من الذنوب، ويغرقه في مستنقع الكفر والعصيان، كل ذلك بسبب اللجاجة والتكبر والغرور والحسد، فما أكثر المصائب التي تتولد للإنسان من هذه الصفات الذميمة.
7 وفي الحقيقة، إنه كان يريد الاستمرار في إغواء بني آدم حتى آخر فرصة متاحة له، لأن في يوم البعث تسقط التكاليف عن الإنسان، ولا معنى هناك للوساوس والإغواءات، إضافة إلى هذا فقد طلب من الله عز وجل أن يبقيه حيا إلى يوم القيامة، رغم أن كل الموجودين في العالم يموتون في هذه الدنيا.
وهنا اقتضت مشيئة الله سبحانه - بدلائل سنشير إليها - أن يستجيب الله لطلب إبليس، ولكن هذه الاستجابة كانت مشروطة وليست مطلقة، كما توضحه الآية التالية: قال فإنك من المنظرين.
ولكن ليس إلى يوم البعث الذي تبعث فيه الخلائق، وإنما إلى زمان معلوم، قال تعالى: إلى يوم الوقت المعلوم.
وهنا أعطى المفسرون آراء مختلفة بشأن تفسير يوم الوقت المعلوم حيث قال البعض: إنه يوم نهاية العالم، لأن كل الموجودات الحية من ذلك اليوم تموت، وتبقى ذات الله المقدسة فقط، كما ورد في الآية (88) من سورة القصص: كل شئ هالك إلا وجهه وبهذا الشكل فقد استجيب لجزء من مطالب إبليس.
والبعض الآخر قال: إن ذلك اليوم هو يوم القيامة، ولكن هذا الاحتمال لا يتلاءم مع ظاهر آيات بحثنا التي يتضح منها أن البارئ عز وجل لم يستجب لكل مطاليبه، كما أن هذا الاحتمال لا يتلاءم حتى مع بقية آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن موت الجميع مع نهاية هذا العالم.